قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

جواهر البلاغة

جواهر البلاغة

285/354
*

بلاغة الكناية

الكناية مظهر من مظاهر البلاغة ، وغاية لا يصل إليها إلا من لطف طبعهُ ، وصفت قريحتُه ، (والسر في بلاغتها) أنها في صُور كثيرة تعطيك الحقيقة ، مصحوبة بدليلها ، والقضية وفي طيّها برهانها ، كقول البحتري في المديح :

يغضُّون فضل اللحظ من حيث مابدا

لهم عن مهيب في الصدور مُحبَّب

فإنه كنى عن إكبار الناس للممدوح ، وهيبتهم إياه ، بغض الأبصار الذي هو في الحقيقة برهان على الهيبة والإجلال ، وتظهر هذه لنا جلية في الكنايات عن الصفة والنسبة.

ومن أسباب بلاغة الكنايات أنها تضع لك المعاني في صورة المحسوسات ولا شك أن هذه خاصة الفنون ، فإن المصور إذا رسم لك صورة للأمل أو لليأس ، بهرك وجعلك ترى ما كنت تعجز عن التعبير عنه واضحاً ملموساً.

فمثل «كثير الرماد» في الكناية عن الكرم «ورسول الشر» في الكناية عن المزاح.

وقول البحتري :

أو ما رأيت المجد ألقى رحله

في آل طلحةَ ثمَّ لم يتحوَّل

وذلك في الكناية عن نسبة الشرف إلى آل طلحة. كل أولئك يبرز لك المعاني في صورة تشاهدها ، وترتاح نفسك إليها.

ومن خواص الكناية : أنها تمكنك من أن تشفى غلتك من خصمك من غير أن تجعل له اليك سبيلاً ، ودون أن تخدش وجه الأدب ، وهذا النوع يسمى بالتعريض. ومثاله قول المتنبي في قصيدة ، يمدح بها كافورا ويعرض بسيف الدولة :